فصل: 2- الاستمناء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.ارتخاء عضلات المستقيم وتمزقه:

وإنك إذا نظرت إلى اللواط من ناحية أخرى وجدته سببا في تمزق المستقيم وهتك أنسجته وارتخاء عضلاته وسقوط بعض أجزائه، وفقد السيطرة على المواد البرازية وعدم استطاعة القبض عليها، ولذلك تجد الفاسقين دائمي التلوث بهذه المواد المتعفنة بحيث تخرج منهم بغير إرادة أو شعور.

.علاقة اللواط بالأخلاق:

واللواط لوثة أخلاقية ومرض نفسي خطير، فتجد جميع من يتصفون به سيئي الخلق فاسدي الطباع، لا يكادون يميزون بين الفضائل والرذائل ضعيفي الارادة ليس لهم وجدان يؤنبهم ولا ضمير يردعهم، لا يتحرج أحدهم، ولا يردعه رادع نفسي، عن السطو على الاطفال والصغار واستعمال العنف والشدة لاشباع عاطفته الفاسدة والتجرؤ على ارتكاب الجرائم التي نسمع عنها كثيرا ونطالع أخبارها في الجرائد السيارة وفي غيرها، ونجد تفاصيل حوادثها في المحاكم وفي كتب الطب.

.اللواط وعلاقته بالصحة العامة:

واللواط فوق ما ذكرت يصيب مقترفيه بضيق الصدر ويرزؤهم بخفقان القلب.
ويتركهم بحال من الضعف العام يعرضهم للاصابة بشتى الأمراض ويجعلهم نهبة لمختلف العلل والاوصاب.

.التأثير على أعضاء التناسل:

ويضعف اللواط كذلك مراكز الانزال الرئيسية في الجسم ويعمل على القضاء على الحيوية المنوية فيه، ويؤثر على تركيب مواد المني ثم ينتهي الأمر بعد قليل من الزمن بعدم القدرة على إيجاد النسل، والاصابة بالعقم مما يحكم على اللائطين بالانقراض والزوال.
التيفود والدوسنطاريا:
ونستطيع أن نقول: إن اللواط يسبب بجانب ذلك العدوى بالحمى التيفودية والدوسنطاريا وغيرهما من الأمراض الخبيثة التي تنتقل بطريق التلوث بالمواد البرازية المزودة بمختلف الجراثيم، المملوءة بشتى أسباب العلل والأمراض.

.أمراض الزنا:

ولا يخفى أن الأمراض التي تنتشر بالزنا يمكن أن تنتشر كذلك بطريق اللواط، وتصيب أصحابه فتفتك بهم فتكا ذريعا، فتبلي أجسامهم، وتحصد أرواحهم.
مما تقدم نتبين حكمة التشريع الإسلامي في تحريم اللواط، وتظهر دقة أحكامه في التنكيل بمقترفيه، والأمر بالقضاء عليهم وتخليص العالم من شرورهم.

.رأي الفقهاء في حكم اللواط:

ومع إجماع العلماء على حرمة هذه الجريمة، وعلى وجوب أخذ مقترفيها بالشدة، إلا أنهم اختلفوا في تقدير العقوبة المقررة لها مذاهب ثلاثة:
1- مذهب القائلين بالقتل مطلقا.
2- ومذهب القائلين بأن حده حد الزاني: فيجلد البكرويرجم المحصن.
3- ومذهب القائلين بالتعزير.
المذهب الأول: يرى أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، والناصر، والقاسم بن إبراهيم، والشافعي في قول: أن حده القتل ولو كان بكرا، سواء كان فاعلا أو مفعولا به.
واستدلوا بما يأتي:
1- عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» رواه الخمسة إلا النسائي..قال في النيل: وأخرجه أيضا الحاكم والبيهقي.
وقال الحافظ: رجاله موثوقون إلا أن فيه اختلافا.
2- وعن علي أنه رجم من عمل هذا العمل. أخرجه البيهقي.
قال الشافعي: وبهذا نأخذ برجم من يعمل هذا العمل محصنا كان أو غير محصن.
3- وعن أبي بكر أنه جمع الناس في حق رجل ينكح كما ينكح النساء.
فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فكان من أشدهم يومئذ قولا علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: هذا ذنب لم تعص به أمة من الأمم، إلا أمة واحدة، صنع الله بها ما قد علمتم، نرى أن نحرقه بالنار.
فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد يأمره أن يحرقه بالنار.
أخرجه البيهقي وفي إسناده إرسال.
وأفاد الشوكاني بأن هذه الأحاديث تنهض بمجموعها للاحتجاج بها.
وهؤلاء اختلفوا في كيفية قتل مرتكب هذا العمل.
فروي عن أبي بكر وعلي: أنه يقتل بالسيف، ثم يحرق، لعظم المعصية.
وذهب عمر وعثمان إلى أنه يلقى عليه حائط.
وذهب ابن عباس إلى أنه يلقى من أعلى بناء في البلد.
وحكى البغوي عن الشعبي، والزهري، ومالك، وأحمد، وإسحاق، أنه يرجم.
وحكي ذلك الترمذي عن مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وروي عن النخعي أنه لو كان يستقيم أن يرجم الزاني مرتين لرجم من يعمل عمل قوم لوط.
وقال المنذري: حرق من يعمل هذا العمل أبو بكر وعلي، وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك.
المذهب الثاني: وذهب سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن، وقتادة، والنخعي، والثوري، والاوزاعي، وأبو طالب، والإمام يحيى، والشافعي في قول إلى أن حده حد الزاني، فيجلد البكر ويغرب، ويرجم المحصن.
واستدلوا بما يأتي:
1- أن هذا الفعل نوع من أنواع الزنا، لأنه إيلاج فرج في فرج، فيكون اللائط والملوط به داخلين تحت عموم الادلة الواردة في الزاني المحصن والبكر، ويؤيد هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان».
2- انه على فرض عدم شمول الادلة الواردة في عقوبة الزنا لهما، فهما لاحقان بالزاني بطريق القياس.
المذهب الثالث: وذهب أبو حنيفة، والمؤيد بالله، والمرتضى، والشافعي في قول إلى تعزير مرتكب هذه الفاحشة، لأن الفعل ليس بزنا فلا يأخذ حكمه.
وقد رجح الشوكاني مذهب القائلين بالقتل، وضعف المذهب الأخير لمخالفته للادلة، وناقش المذهب الثاني فقال: إن الادلة الواردة بقتل الفاعل والمفعول به مطلقا مخصصة لعموم أدلة الزنا الفارقة بين البكر والثيب على فرض شمولها المرتكب جريمة قوم لوط، ومبطلة للقياس المذكور على فرض عدم الشمول، لأنه يصير فاسد الاعتبار، كما تقرر في الاصول.

.2- الاستمناء:

استمناء الرجل بيده مما يتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان من الأدب وحسن الخلق، وقد اختلف الفقهاء في حكمه: فمنهم من رأى أنه حرام مطلقا.
ومنهم من رأى أنه حرام في بعض الحالات، وواجب في بعضها الآخر.
ومنهم من ذهب إلى القول بكراهته.
أما الذين ذهبوا إلى تحريمه فهم المالكية والشافعية، والزيدية.
وحجتهم في التحريم أن الله سبحانه أمر بحفظ الفروج في كل الحالات، إلا بالنسبة للزوجة، وملك اليمين.
فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين واستمنى، كان من العادين المتجاوزين ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم.
يقول الله سبحانه: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.
وأما الذين ذهبوا الى التحريم في بعض الحالات، والوجوب في بعضها الآخر، فهم الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الاستمناء إذا خيف الوقوع في الزنا بدونه، جريا على قاعدة: ارتكاب أخف الضررين.
وقالوا: إنه يحرم إذا كان لاستجلاب الشهوة وإثارتها.
وقالوا: إنه لا بأس به إذا غلبت الشهوة، ولم يكن عنده زوجة أو أمة واستمنى بقصد تسكينها.
وأما الحنابلة فقالوا: إنه حرام، إلا إذا استمنى خوفا على نفسه من الزنا، أو خوفا على صحته، ولم تكن له زوجة أو أمة، ولم يقدر على الزواج، فإنه لاحرج عليه.
وأما ابن حزم فيرى أن الاستمناء مكروه ولا إثم فيه، لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح بإجماع الأمة كلها.
وإذا كان مباحا فليس هنالك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حراما أصلا، لقول الله تعالى:
{وقد فصل الله لكم ما حرم عليكم}.
وليس هذا ما فصل لنا تحريمه، فهو حلال لقوله تعالى: {خلق لكم ما في الأرض جميعا}.
قال: وإنما كره الاستمناء لأنه ليس من مكارم الاخلاق ولا من الفضائل.
وروي لنا أن الناس تكلموا في الاستمناء فكرهته طائفة وأباحته أخرى.
وممن كرهه ابن عمر، وعطاء.
وممن أباحه ابن عباس، والحسن، وبعض كبار التابعين.
وقال الحسن: كانوا يفعلونه في المغازي.
وقال مجاهد: كان من مضى يأمرون شبابهم بالاستمناء يستعفون بذلك، وحكم المرأة مثل حكم الرجل فيه.

.3- السحاق:

السحاق محرم باتفاق العلماء، لما رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد».
والسحاق مباشرة دون إيلاج، ففيه التعزير دون الحد كما لو باشر الرجل المرأة دون إيلاج في الفرج.

.4- إتيان البهيمة:

أجمع العلماء على تحريم إتيان البهيمة.
واختلفوا في عقوبة من فعل ذلك: فروي عن جابر بن زيد أنه قال: من أتى بهيمة أقيم عليه الحد.
وروي عن علي أنه قال: إن كان محصنا رجم.
وروي عن الحسن: أنه بمنزلة الزاني: وذهب أبو حنيفة، ومالك، والشافعي في قول له، والمؤيد بالله، والناصر، والإمام يحيى إلى وجوب التعزير فقط، إذ أنه ليس بزنا.
وذهب الشافعي في قول آخر: إلى أنه يقتل، لما رواه عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو.
وروى الترمذي وأبو داود من حديث عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس أنه قال: «من أتى بهيمة فلا حد عليه» وذكر أنه أصح.
وروى ابن ماجه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وقع على ذات محرم فاقتلوه، ومن وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة».
قال الشوكاني: وفي الحديث دليل على أنه تقتل البهيمة - والعلة في ذلك ما رواه أبو داود والنسائي أنه قيل لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ قال: ما أراه قال ذلك، إلا أنه يكره أن يؤكل لحمها، وقد عمل بها ذلك العمل.
وقد تقدم أن العلة أن يقال: هذه التي فعل بها كذا وكذا.
وقد ذهب إلى تحريم لحم البهيمة المفعول بها.
وإلى إنها تذبح علي عليه السلام والشافعي في قول له.
وذهبت القاسمية، والشافعية في قول، وأبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنه يكره أكلها تنزيها فقط.
قال في البحر أنها تذبح البهيمة ولو كانت غير مأكولة، لئلا تأتي بولد مشوه، كما روى أن راعيا أتى بهيمة فأتت بمولود مشوه.
انتهى.
قال: وأما حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذبح الحيوان إلا لاكله، فهو عام مخصص بحديث الباب انتهى.